Logo Logo
جارٍ التحميل...

في مثل هذا اليوم من التاريخ ٣١ أكتوبر الأحداث التي وقعت في هذا التاريخ.

السد العالي احتفالات بانتهاء العمل في المرحلة الأولى من السد العالي في مصر.

السد العالي بأسوان، هو سد مائي في جنوب مصر. يقع على نهر النيل في أقصى جنوب البلاد بمحافظة أسوان، ويُعد الركيزة الأساسية لمشروع التحكم الكامل في مياه النيل وتنظيم فيضانه. بدأ تشييده عام 1960 خلال عهد الرئيس جمال عبد الناصر، بمساهمة مالية وفنية كبيرة من الاتحاد السوفييتي الذي قدّم الدعم في إطار التعاون المصري–السوفييتي آنذاك.
تملك السد وتشرف على تشغيله الهيئة العامة للسد العالي وخزان أسوان. وقد أدى بناؤه إلى إحداث تحول كبير في إدارة الموارد المائية المصرية، إذ مكّن من التحكم في تدفق مياه النيل ومنع تكرار كوارث الفيضان والجفاف، إلى جانب دوره الحيوي في توليد الطاقة الكهرومائية وتوسيع الرقعة الزراعية وتحسين الري.
يبلغ طول السد نحو 3600 متر، وارتفاعه 111 مترًا، وعرض قاعدته 980 مترًا، بينما يبلغ عرض قمته 40 مترًا. يتألف جسم السد من حوالي 43 مليون متر مكعب من الخرسانة المسلحة والحديد ومواد بناء أخرى، ويستطيع تمرير تدفقات مائية تصل إلى 11,000 متر مكعب في الثانية. بلغت تكلفة المشروع الإجمالية مليار دولار أمريكي، ساهم الاتحاد السوفييتي بنحو الثلث منها، وشارك في أعمال الإنشاء حوالي 400 خبير سوفييتي إلى جانب آلاف المهندسين والعمال المصريين.
اكتمل بناء السد في عام 1968، وتم تركيب آخر 12 مولدًا كهربائيًا عام 1970، ليُفتتح رسميًا في 15 يناير 1971. وقد أسهم السد العالي في توليد الكهرباء بنسبة كبيرة من احتياجات مصر في سبعينيات القرن العشرين، كما ساهم في استقرار الزراعة وتوفير المياه خلال فترات الجفاف. إلا أن للسد آثارًا بيئية وسلبية، أبرزها انخفاض خصوبة الأراضي الزراعية نتيجة حجز الطمي خلف بحيرة ناصر، وتراجع كميات الرسوبيات التي كانت تغذي دلتا النيل، مما أثار مخاوف من تآكل السواحل وارتفاع مخاطر الغمر البحري على المدى البعيد، خاصة مع تفاقم ظواهر الاحتباس الحراري وذوبان الجليد القطبي.
تجدر الإشارة إلى أن فكرة إنشاء سد ضخم على النيل طُرحت لأول مرة في التاريخ على يد العالم العربي المسلم الحسن بن الهيثم (965–1029م)، الذي وضع تصورًا هندسيًا لبناء سد في أسوان لتنظيم مياه النيل، إلا أن ضعف الإمكانيات التقنية في عصره حال دون تنفيذ فكرته.

تاريخ البناء

تعود أقدم محاولة مسجّلة لبناء سد بالقرب من أسوان إلى القرن الحادي عشر، عندما استُدعي العالِم والمهندس العربي ابن الهيثم (المعروف في الغرب باسم الحازن) إلى مصر من قبل الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله، من أجل تنظيم فيضان نهر النيل — وهي مهمة استدعت محاولة مبكرة لبناء سد في أسوان، لكن أبحاثه الميدانية أقنعته بعدم جدوى هذا المشروع.

سد أسوان القديم، 1898–1902

بدأ البريطانيون بناء أول سد على نهر النيل في عام 1898، واستمرّت أعمال الإنشاء حتى عام 1902، وافتتح السد في 10 ديسمبر 1902. صُمم المشروع على يد السير ويليام ويلكوكس، وشارك فيه عدد من كبار المهندسين البارزين، من بينهم السير بنجامين بيكر والسير جون إيرد، يذكر أن شركة John Aird & Co. التي يملكها الأخير هي المقاول الرئيسي للمشروع.

تمهيد لبناء السد العالي، 1954–1960

في عام 1952، بدأ المهندس المصري اليوناني أدريان دانينوس في وضع خطة لبناء السد الجديد في أسوان. وعلى الرغم من أن السد المنخفض (القديم) كاد أن يغمره الفيضان في عام 1946، فإن حكومة الملك فاروق لم تُبدِ أي اهتمام بخطط دانينوس. وبدلاً من ذلك، فضّلت الحكومة خطة وادي النيل التي وضعها عالم الهيدرولوجيا البريطاني هارولد إدوين هيرست، والتي اقترحت تخزين مياه النيل في السودان وإثيوبيا، حيث معدل التبخر أقل بكثير. لكن الموقف المصري تغيّر تمامًا بعد الإطاحة بالنظام الملكي بقيادة حركة الضباط الأحرار التي كان من ضمنها جمال عبد الناصر، فقد اقتنع الضباط الأحرار أن مياه النيل يجب أن تُخزَّن داخل الأراضي المصرية لأسباب سياسية، وجرى اعتماد خطة دانينوس خلال شهرين فقط من الثورة. في البداية، أبدت كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي اهتمامًا بالمساهمة في تنفيذ مشروع السد. لكن ظهرت تعقيدات نتيجة التنافس بين القوتين خلال الحرب الباردة، بالإضافة إلى تصاعد التوترات داخل العالم العربي.
في عام 1955، كان جمال عبد الناصر يقدّم نفسه كزعيم للقومية العربية، في مواجهة الأنظمة الملكية التقليدية، وخاصة المملكة الهاشمية في العراق، بعد توقيعها حلف بغداد في نفس العام. في ذلك الوقت، كانت الولايات المتحدة تخشى من انتشار الشيوعية في الشرق الأوسط، وكانت ترى في عبد الناصر قائدًا طبيعيًا لرابطة عربية مناهضة للشيوعية وموالية للرأسمالية. وقد عرضت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة المساعدة في تمويل بناء السد العالي، من خلال قرض بقيمة 270 مليون دولار، مقابل أن يتولّى عبد الناصر دورًا قياديًا في حلّ الصراع العربي الإسرائيلي.
وعلى الرغم من معارضته للشيوعية والرأسمالية والإمبريالية، فقد اعتبر عبد الناصر نفسه محايدًا تكتيكيًا، وسعى إلى التعاون مع كلٍّ من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي بما يخدم مصلحة مصر والعالم العربي. لكن بعد أن انتقدت الأمم المتحدة غارة إسرائيلية على القوات المصرية في غزة عام 1955، أدرك عبد الناصر أنه لن يستطيع أن يقدم نفسه كزعيم للوحدة العربية إذا لم يستطع الدفاع عن بلاده عسكريًا ضد إسرائيل. ولهذا، وبالإضافة إلى خططه التنموية، سعى إلى تحديث الجيش المصري بسرعة، وبدأ أولاً بالتوجه إلى الولايات المتحدة طلبًا للدعم العسكري.
أبلغ وزير الخارجية الأمريكي جون فوستر دالاس والرئيس دوايت أيزنهاور جمال عبد الناصر أن الولايات المتحدة ستزوّده بالأسلحة فقط إذا كانت مخصصة لأغراض دفاعية، وإذا قبل بوجود عناصر عسكرية أمريكية للإشراف والتدريب. لكن عبد الناصر لم يقبل بهذه الشروط، وبدأ بالتشاور مع الاتحاد السوفيتي طلبًا للدعم.
على الرغم من أن جون فوستر دالاس كان يعتقد أن عبد الناصر كان يخادع، وأن الاتحاد السوفيتي لن يقدّم له الدعم، إلا أن تقديره كان خاطئًا؛ فقد وعد الاتحاد السوفيتي عبد الناصر بتزويده بكمية من الأسلحة مقابل سداد مؤجل من القمح والقطن المصري. وفي 27 سبتمبر 1955، أعلن عبد الناصر عن صفقة أسلحة، كانت تشيكوسلوفاكيا تعمل فيها كوسيط للدعم السوفيتي. وبدلًا من مهاجمة عبد الناصر بسبب لجوئه إلى السوفييت، سعى دالاس إلى تحسين العلاقات معه.
وفي ديسمبر 1955، تعهدت الولايات المتحدة بتقديم 56 مليون دولار، وتعهدت المملكة المتحدة بـ14 مليون دولار، للمساهمة في تمويل بناء السد العالي في أسوان.

السد العالي
السد العالي
البلد مصر
المنطقة الإدارية محافظة أسوان